ثورة أمازيغ المغرب ضد الأمويين
مقدمة
اليوم، نروي ملحمة معركة الأشراف الدامية، ونستعرض أبطال ثورة أمازيغ المغرب ضد الأمويين الذين صنعوا لحظة فارقة في مسار مقاومة الاستبداد، وشكّلوا اللبنة الأولى في طريق استقلال المغرب عن سلطة دمشق.
في ظلّ أواسط القرن الثامن الميلادي، كانت أرض المغرب تغلي بالغضب والثورة. كانت قبائل أمازيغ المغرب قد ضاقت ذرعًا بظلم ولاة الدولة الأموية، الذين فرضوا عليهم الضرائب وأهانوهم رغم إسلامهم. بدأ الحراك كتمرد محلي لكنه سرعان ما تحوّل إلى ثورة كبرى غيّرت وجه التاريخ في المنطقة.
شرارة ثورة أمازيغ المغرب ضد الأمويين
لم تكن ثورة أمازيغ المغرب وليدة الصدفة. بل كانت نتيجة تراكم طويل من الغبن، والتمييز الطبقي الذي مارسه الولاة الأمويون. بالرغم من دخول الأمازيغ الإسلام،
قاد التمرد الأول ميسرة المطغري، حيث اجتمعت القبائل تحت رايته في طنجة، وأعلنوا العصيان على والي المغرب، عبيد الله بن الحبحاب.
الثورة امتدت جذوتها لتحرق نفوذ الأمويين في كافة ربوع الغرب الإسلامي، حيث أضحت قضية الأمازيغ ليست مجرد احتجاج بل ثورة أمازيغية عارمة للحرية والكرامة.
يمكن القول إن الشرارة الأولى كانت بمثابة إعلان البداية لحركة تحررية ستغيّر التاريخ.
ميسرة المطغري: أول قائد ثورة أمازيغ المغرب ضد الأمويين
في البداية، التفّ أمازيغ المغرب حول شخصية كارزمية وهو ميسرة المطغري. كان رجلاً قوي الإرادة، يمتلك رؤية واضحة لمستقبل الأمازيغ بعيدًا عن القهر العربي الأموي.
استطاع ميسرة أن يوحّد القبائل المتناثرة، ويقودهم لأول مرة كقوة سياسية وعسكرية منظمة. كانت خطته تتمثل في طرد كل النفوذ الأموي من المغرب، وهو ما حققه مؤقتًا حين سيطر على طنجة وخلع الوالي الأموي هناك.
ولكن للأسف، لم تكن وحدة الأمازيغ متينة بما يكفي. فبعد شهور قليلة، انقلب بعض قادة القبائل على ميسرة وقتلوه، مما أدى إلى أزمة قيادة مؤقتة.
يبقى ميسرة المطغري أول من فجّر روح مقاومة الأمازيغ التي ستستمر لعقود لاحقة.
خالد بن حميد الزناتي: محرّك معركة الأشراف
بعد مقتل ميسرة، لم ينتهِ الحلم بل انتقل إلى قائد جديد: خالد بن حميد الزناتي. كان خالد أكثر حزمًا وشراسة في ميدان المعارك.
بسرعة، استطاع أن يسيطر على الموقف، ويعيد تنظيم صفوف أمازيغ المغرب ليخوضوا أشرس معركة عرفها المغرب في ذلك الزمان: معركة الأشراف.
القائد | إنجازاته |
---|---|
ميسرة المطغري | أشعل الثورة وسيطر على طنجة |
خالد بن حميد الزناتي | قاد معركة الأشراف وحقق النصر الحاسم |
بقي خالد الزناتي رمزًا للعزيمة الأمازيغية ومثالًا على قدرة الشعوب المستضعفة على انتزاع حقوقها بالقوة حين تضيق السبل السلمية.
خطة الأمازيغ لهزيمة جيش الأشراف
عندما علم الخليفة الأموي بالثورة، أمر بإرسال جيش قوي إلى المغرب. كان الجيش بقيادة خالد بن أبي حبيب الفهري، ويتألف من خيرة الأشراف والفرسان العرب.
ومع ذلك، كان أمازيغ المغرب قد استعدوا جيدًا. قسموا قواتهم إلى فرق صغيرة تعتمد على الكمائن والهجمات المباغتة. كانت الخطة محكمة: استدراج جيش الأشراف إلى سهل مكشوف ثم محاصرته من جميع الجهات.
- استنزاف قوى الجيش الأموي خلال المسير الطويل.
- محاصرة الجيش عند مشارف طنجة.
- هجمات مباغتة لقطع خطوط الإمداد.
- تطويق الجيش بالكامل.
- القضاء على القادة العسكريين أولاً.
- تنفيذ ضربات متلاحقة دون إعطاء فرصة لإعادة التمركز.
النصر الساحق أثبت أن مقاومة الأمازيغ لم تكن عشوائية، بل كانت قائمة على التكتيك والدهاء العسكري.
مذبحة النخبة الأموية على يد أمازيغ المغرب
مع بداية المعركة، كان التفوق العددي في صف العرب. ولكن سرعان ما انقلبت الموازين بفضل مهارة أمازيغ المغرب القتالية.
انهار جيش الأشراف تحت وطأة الهجمات العنيفة. سقط القائد خالد بن أبي حبيب، وتبعته النخبة القتالية من أبناء العائلات العربية الكبرى.
استمرت المعركة ساعات طويلة، تحولت فيها الأرض إلى برك من الدماء. وصف المؤرخون المشهد بقولهم:
“سالت دماء الأشراف على أرض طنجة حتى صبغتها باللون الأحمر القاني.”
روح الثورة الأمازيغية توهجت أكثر مع كل نصر جديد.
غضب هشام بن عبد الملك بعد هزيمة الأشراف
عندما وصلت أنباء الهزيمة الكارثية إلى دمشق، اشتعل غضب الخليفة هشام بن عبد الملك.
صرخ غاضبًا متحديًا:
“لأغضبنّ لهم غضبة عربية، ولأبعثنّ جيشًا أوله عندهم وآخره عندي!”
رغم تهديداته، فشل الأمويون في استعادة المغرب بعد هزائم متتالية في معركة بقدورة وغيرها، مما عزز استقلالية أمازيغ المغرب.
كيف مهّد الأمازيغ لاستقلال المغرب عن الأمويين
نتائج الثورة لم تتوقف عند النصر العسكري. بل أنتجت تغييرًا جذريًا في الخريطة السياسية للمنطقة.
أسس الأمازيغ كياناتهم الخاصة مثل:
- إمارة نكور
- مملكة بورغواطة
- الاستقلال السياسي الكامل.
- تأسيس هوية أمازيغية إسلامية محلية.
- تنظيم الدفاعات المحلية ضد الحملات الأموية.
- ظهور قادة أمازيغ مستقلين.
- انتهاء الهيمنة المباشرة لدمشق على المغرب.
- بداية عهد جديد من النهضة.
بذلك برهن أمازيغ المغرب أنهم قادرون على إدارة شؤونهم بعيدًا عن الاستعمار الشرقي.
معركة الأشراف: رمز كرامة الأمازيغ وبداية التحرر
لم تكن معركة الأشراف مجرد معركة، بل كانت عنوانًا مشرقًا للكرامة الوطنية.
كتب أمازيغ المغرب بدمائهم قصة انتصار ستبقى ملهمة للأجيال، مؤكدين للعالم أن الحرية تُنتزع ولا تُمنح.
الحدث | الأثر |
---|---|
معركة الأشراف | سحق جيش الأمويين، بداية استقلال المغرب |
معركة بقدورة | تثبيت استقلال الأمازيغ السياسي |
الثورة الأمازيغية جسدت روح التضحية والصمود رغم قسوة الظروف وقوة العدو.
خاتمة
تلخص قصة ثورة أمازيغ المغرب ضد الأمويين إرادة شعبٍ رفض الذل والاستبداد.
برهن الأمازيغ للعالم أن الكرامة أغلى من الحياة ذاتها، فسطّروا ملاحم عظيمة في وجه القوة الغاشمة.
تبقى معركة الأشراف محفورة في ذاكرة التاريخ، كعنوان للحرية والشجاعة والتضحية.